GuidePedia

0


المجزوءة الأولى: الوضع البشري

المفهوم الأول : الشخص

المحور الثاني : الشخص بوصفه قيمة


الإطار الإشكالي للمحور


  تتحدد القيمة بصفة عامة باعتبارها كل ما هو قابل للرغبة (وليس فقط ما هو مرغوب فيه) وعند الحديث عن قيمة الشخص فالمقصود بها أن الإنسان يتميز بامتلاكه لقيمة عليا، وميزة سامية تجسدها كرامته...التي تميزه عن غيره من الكائنات والموضوعات، لكن: كيف تتحدد قيمة الشخص الأخلاقية والمعنوية : هل من خلال النظر إليه كغاية في ذاته أم كوسيلة لتحقيق غايات أسمى منه؟ وما هي طبيعة الاحترام الموجه للشخص: هل هو احترام مطلق وغير مشروط أم أنه احترام نسبي ومشروط بمحددات خارجية؟


1-   موقف ايمانويل كانط

يرى كانط أن قيمة الشخص تتحدد في كونه غاية في ذاته يتعالى عن كل الموجودات، إنه ذات تمتلك عقلا وكرامة وحرية... منها يستمد قيمته هذه، وهي قيمة غير مشروطة كما هي قيمة الموضوعات والأشياء.

   إن هذا الإعلاء من قيمة الإنسان يعني أن الإنسان كائن يجب أن يبقى دائما فوق كل اعتبار،... بل إن قيمته، داخلية، مطلقة تتجاوز كل تقويم وكل تسعير، بمعنى أن الشخص لا يجب أن يتم إخضاعه للمساومة بأي شكل من الأشكال (لا في جسده، ولا في عرضه، ولا في أرضه و وطنه، ولا في عواطفه واعتقاداته، ولا حتى في صوته الانتخابي ...) يلزم إذن احترامه ومعاملته كغاية في ذاته لا وسيلة. يلزم على كل شخص أن ينظر إلى كل شخص كما ينظر تماما إلى ذاته، حيث أن الإنسانية بأكملها متجسدة فيهما. إن احترام الشخص المفرد احترام للإنسانية جمعاء 
.

2-   موقف ايمانويل مونيي  

في نفس السياق نجد ايمانويل مونيي يؤكد أن الشخص ذات متميزة متعالية وهذا ما يجعلها غاية في ذاتها تبتعد عن كل الحتميات و الاشراطات الخارجية، إن الشخص ذات بعيدة عن التشيؤ والدراسة لأنها ذات مستمرة البناء عبر عمليات الشخصنة والتي هي عبارة عن حركة مستمرة للتحرر من كل عبودية داخلية أو خارجية .

إن الشخصية حسب التصور الشخصاني ، تقوم على الإبداع الذاتي المستمر عبر عملية الشخصنة، مما يجعلها ذات هوية متميزة ، مفكرة، مريدة، تتطلب منا  فهمها وتأويلها بعيدا عن كل أشكال المعرفة الموضوعية والأداتية. وفي هذا السياق يقول مونيي " كل شخص له معناه ... الشخص إذن ذات لا تتكرر ولن يحل مكانها أحد".  


3-   موقف جون راولز

  أما جون راولز فيرى بأن قيمة الشخص لا يمكن أن تتحقق إلا في حدود انتماء الشخص إلى نظام اجتماعي يقوم على فكرة العدالة، التي تجعل من الأشخاص كائنات حرة، ومتعاونة مع بعضها البعض. وهذا التعاون - في نظر راولز- لا يتحقق إلا إذا حاول كل شخص أن يعي أهمية الحياة الاجتماعية ، و يستوعب دوره في هذا الإطار ككائن يعول عليه بأن يكون عضوا اجتماعيا فاعلا، ومواطنا صالحا، يظهر حقيقته ككفاءة عقلية وأخلاقية تحترم الواجبات و الحقوق ، وتتمسك بحس العدالة الذي يجعلها تفهم فهما سليما أهمية الواجب، وتسعى دائما إلى حب الخير في كل ما له علاقة بالحياة الإنسانية، وذلك عندما تحترم التزاماتها، وتفهم ما لها و ما عليها.


خلاصة تركيبية

   يتضح مما سلف أن هناك إجماع بين الفلاسفة حول الإعلاء من قيمة الشخص باعتباره، كائنا عاقلا وذاتا أخلاقية. وهي قيمة قد ترتكز على كونه ذاتا لعقل  أخلاقي عملي، كما قد تنبني على مشاركته وتضامنه وانفتاحه على الغير. لكن الحديث عن الشخص بوصفه قيمة يستدعي بالضرورة الحديث عن حرية الشخص باعتباره قيمة إنسانية مميزة للشخص، وهذا ما يثير التساؤل والتفكير في إمكانية اعتبار الشخص ذات حرة مستقلة، أم أنها ترتبط بشروط وضرورات.

إرسال تعليق

 
Top